صناع الحياة للهندسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
صناع الحياة للهندسة

التنمية بالإيمان
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 التعريب.. ومستقبل العرب العلمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسام طه

حسام طه


عدد الرسائل : 17
التخصص : هندسة كهربية
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

التعريب.. ومستقبل العرب العلمي Empty
مُساهمةموضوع: التعريب.. ومستقبل العرب العلمي   التعريب.. ومستقبل العرب العلمي Icon_minitimeالخميس أبريل 03, 2008 10:20 pm

بـسـم الـلـه الـرحـمـن الـرحـيـم


هذا جزء من المقال الصادر عن الدكتور أحمد شفيق الخطيب في معجمه " معجم المصطلحات العلمية والفنية والهندسية الجديد " .

حول وضع المصطلحات وتطور اللغة


لقد أخذ العالم العربي يستعيد ثقته بلغته في مجال المصطلحات العلمية والتقنية والحضارية ، واجتازت اللغة العربية بنجاح فترة مخاض عسيرة كان لابد منها ، فقد شهدنا بارتياح نجاح تعريب التعليم الثانوي في معظم الأقطار العربية ، بمصطلحات موحدة في معظمها أشرفت على تنسيقها وإصدارها في معاجم خاصة بكل علم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم . وهانحن نرقب بالأمل الفاعل المحاولات الجادة ، رغم مختلف العوائق ، في كثير من هذه الأقطار لتعريب التعليم الجامعي ، دون أن يعني ذلك التقليل من أهمية اللغات الأجنبية .

إن مستقبل المصطلحات العلمية العربية ومستقبلنا العلمي إلى حد بعيد مرتبطان بقضية تعريب التعليم لا في المدارس الثانوية فقط بل وفي الجامعات أيضا . فلا يعقل أن نخوض مجالات العلم الحديث وننعم بمنجزاته ، وتبقى لغتنا غريبة عن أجواء العلم وتقاناته وديناميكيته وإبداعه . لقد آن أن تصبح اللغة العلمية العربية جزءا من حياتنا اليومية في المدرسة والبيت والمصنع ، وأن تغدو مصطلحات العلم والحضارة باللغة العربية قسما حيويا من ثقافة الصانع والطالب والمعلم والصحافي والأديب وصاحب الاختصاص الفني ، وهذا لا يتأتى إلاّ حين تصبح العربية لغة المتعلم والعالم و إلاّ باستنبات العلم بيئيا في الوطن العربي لتصبح العربية لا لغة التعليم في كافة مراحله فقط ، بل أيضا لغة البحث العلمي والتأليف العلمي والإبداع العلمي .

والذين يحتجّون لإعاقة حركة تعريب التعليم الشامل بانتظار أن تتوافر لها وله المصطلحات وتتكامل ، إنما يضعون العربة أمام الحصان ، كما يقولون . إنّ الإصرار على تعليم العلوم والتقنيات باللغات الأجنبية هو حصار على العربية يعيقها عن ( إن لم يمنعها من ) التطور والنمو في هذا الميدان . فالتعريب ووضع المصطلحات ، بل والترجمة ( ترجمة المراجع والمناهج وأمهات الكتب ) والتأليف تسير معا . هكذا كانت في مدارس محمد علي في الهندسة والزراعة والطب ، وهكذا كانت الحال في الكلية السورية الإنجيلية ( الجامعة الأمريكية فيما بعد ) ، وهكذا كانت الحال ولا تزال في المعهد الطبي في دمشق منذ العام 1919 . وليس يلزمنا إلى تحقيق ذلك إلاّ العزم الصادق على جعل العربية لغة التدريس في كل المعاهد في كل المستويات ، مدعوما بتأهيل الجهاز البشري المؤهل للقيام بما يتطلبه ذلك من مهمات .

لقد أدى مجمع اللغة العربية في القاهرة خدمة جلّى للغة العربية حين حطم الأسطورة القائلة بأن إدخال المعرب من الألفاظ في متن اللغة يحط من قدرها . وفي المعاجم المتخصصة والعامة التي أصدرها المجمع المذكور دليل واضح على الدور الإثرائي المهم الذي يؤديه التعريب الاقتراضي في لغة العلم الحديث . ومن توصيات مجمع اللغة العربية في هذا السياق اعتبار المصطلح المعرّب لفظا من اللغة العربية وإخضاعه لقواعدها وإجازة الاشتقاق والنحت منه ، فنقول أكسد وتأكسد وأكسدة وأكسيد ، كما نقول تلفن وتلفز وبستر وكربن وهدرج إلخ . إن أسلافنا الأماجد في تراثهم الحضاري الخالد لم يكتفوا بتعريب الألفاظ التي جاءتهم مع الحضارات الزاحفة من أمثال استبرق وقسطاس ومسك وكافور وزرقون ودلفين وبطلينوس ومنجنيق ومصطكى وقرنية وأورطي وقولون وبريطون وبنقراس وهيولى ومساريقى ومئات غيرها ، بل عمدوا أحيانا إلى تعريب أسماء كثيرة كانت تعرف لها أسماء عربية – فعربوا :
الإبريق وعندهم التامور ، والهاون وعندهم المهراس ، والرصاص وعندهم الصرفان ، والشلجم وعندهم اللفت ، والباذنجان وعندهم الأنب والحيصل ، والياسمين وعندهم السمسق ، والمغرة وعندهم الجأب .

وحري بنا أمام الفيض الهائل من الأسماء العلمية الكيميائية والنباتية والحيوانية والإلكترونية التي تجابهنا أن نحذو حذوهم ، فنعرب بالترجمة ما هو أصيل في اللغة المنقولة ، أما الألفاظ العالمية التسمية والمشتقة من اليونانية أو اللاتينية ( مثل إنزيم وأيون وأكسيد وتلفون وتلفزيون ) أو الموضوعة تخليدا لذكرى عالم أو مخترع ( مثل فلط وأوم وكوري وواط وأمبير ) أو المركبة من أحرف متعارف عليها دوليا ( مثل رادار وليزر وكوبول ونابالم ) فتعرّب كما هي . فالعلم ، على حد قولة الدكتور إبراهيم مدكور رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة " هو تراث الإنسانية جمعاء ، ويجب أن يفسح المجال فيه بتبادل الألفاظ كما نتبادل الأفكار والمعاني " .

التعريب الاقتراضي في مجال العلوم المتخصصة هو السبيل العملي لمواكبتنا مسار تقدمها ومتابعة إنجازاتها وأبحاثها . وبمثل هذا التعريب نثري لغتنا بمصطلحات علمية تكاد تكون مشتركة بين العلماء والباحثين في كل لغات العالم . ونطمئن المتزمتين والصّفاويين إلى أن التعريب في مجال العلوم المتخصصة لن يضير العربية بشيء لأنه سيبقى في قاموس المتخصصين وأبحاث المتعمقين في مجالات هذه العلوم ، ولن يتسرب منه إلى صلب اللغة ، وبخاصة لغة الأدب والبيت والمجالس ، إلاّ القليل القليل مما يرشحه شيوع استخدامه في الحياة اليومية ، ويطوعه ذوق المستخدمين وسليقتهم ، تماما كما حصل فيما سبق وعربه السلف اقتراضا فصار بعضه من تراث اللغة يثريها ولا يضيرها .

إن قضية الاقتصار على مصطلح واحد لمسمى واحد هي قضية متفق عليها نظريا أو قل مبدئيا ، لكن الاتفاق على تحديد المصطلح هو أمر لن يخلو من الأخذ والرد . ومادام باب الترجمة مفتوحا فمجال الاختلاف ( ضمن حدود المتوقع طبعا ) وارد ، وليس لأي فرد أو جماعة مهما كانت سلطتهم اللغوية أن يشطبوا مصطلحا ليحلوا آخر مكانه نهائيا ، فالمستقبل هو الحكم ، والاستعمال هو الغربال ، وقد يثبت أكثر من مصطلح أمام هذه الغربلة التي لا تتم في سنة أو اثنتين بل تحتاج إلى عشرات السنين وتتم عادة بصورة عفوية .

لكن لا يغربن عن بالنا في الوقت نفسه أن قيمة المصطلح العلمي تتحقق لا بدقته وحسن دلالته فقط ، بل أيضا باعتراف العلماء والباحثين المختصين به والإجماع عليه . لأنه إن اختلف المصطلح من عالم إلى عالم أو باحث إلى باحث أو قطر إلى قطر فإنه يفقد صفة المصطلحية تعريفا ومنهجية ، بخاصة في حال المصطلح ذي المفهوم المحدد الذي يتجاوز معاني اللفظ المعجمية واللغوية .

وهكذا يبدو لي أن واقعنا اللغوي والعلمي حاليا يفترض وضع المصطلحات إجمالا في مستويين :
أولا ، المستوى المفرداتي اللغوي الشائع الذي يحتمل الترادف ، فيلجأ إلى المصطلح و/أو مرادفه تفاديا للتكرار اللفظي أو انحيازا لذوق الكاتب أو المترجم .
وثانيا ، المستوى المصطلحي المميز الذي لا يصح فيه الترادف ، حيث يعني المصطلح شيئا محددا يتجاوز معاني اللفظ المعجمية أو الشائعة .

لقد عرفت العربية مصطلحيين ومعجميين أفذاذا أهلتهم إمكاناتهم وجهودهم الشخصية وخصائصهم الذاتية المكتسبة علما ومنهجية وقابلية ، فأثروا اللغة بأعمالهم . ونحن اليوم بحاجة لا إلى أفراد من مثل هؤلاء فقط ، بل إلى كتائب منهم فاعلة في كل ميدان ، ونتطلع بالطبع إلى جامعاتنا في الوطن العربي لإعداد أجيال مستمرة منهم .

وكنت ، يوم أعددت هذا البحث لطبعات المعجم السابقة ، تمنيت على جامعاتنا في الوطن العربي استحداث برامج دراسية مكثفة لإعداد اختصاصيين في الترجمة ووضع المصطلحات ، يكون من شروط الانتساب إليها شهادة جامعية في العلوم أو الآداب ، ويرتب للمنتسبين فيها برنامج دراسي لمدة سنتين يتلقون فيه دراسة معمقة في أصول اللغتين – لغة الأصل ( المنقول عنها ) ولغة الهدف ( المنقول إليها ) – وآدابهما وقواعد القياس والاشتقاق فيهما ، ويطلعون على الترجمات الممتازة للروائع التي نقلت من إحداهما إلى الأخرى ، ويدرسون دراسة مقارنة المرادفات والمصطلحات التي وضعتها المجامع العربية وأصحاب المعاجم ورواد الترجمة في عصر النهضة قديما وحديثا ، بالإضافة إلى ما يراه المشرفون على هذا البرنامج من مستلزمات الكفاءة لهذا الاختصاص . وبالفعل ، هناك اليوم بضع جامعات عربية تقدم مثل هذه البرامج بشكل أو بآخر .

والجديد في هذا السياق ما طبقته بعض الجامعات في الشرق والغرب من استحداث مساقات طويلة المدى ، تخرجية وبعد تخرجية ، تدمج اختصاص الدارس في مختلف الاختصاصات مع تدريبه على العمل في الوقت ذاته كمترجم ومصطلحي ومعجمي في حقل تخصصه . ومؤخرا عرض أحد رواد " حركة التعريب الآن " مشروع جامعة عربية للمصطلحات ، يؤمها حاملوا الدبلومات العرب من مختلف أنحاء الوطن العربي في شتى الاختصاصات وفيها يتثقفون بالاطلاع والممارسة في علم المصطلح ومنهجية وضعه ومجال المصطلحات عموما ، ثم كل فريق في متطلبات وتراث اختصاصه ، ويكون من مهمات هذه الجامعة ، إضافة إلى تهيئة الجهاز البشري الذي تتطلبه عمليات التعريب وتوحيد المصطلحات العلمية العربية وتلافي ما بها من قصور ، الرصد المتواصل للمصطلحات الجديدة في مصادرها من الدوريات والمنشورات والكتب في مختلف الحقول من لغات العالم المتقدم ، وربما لاحقا الإسهام مع جامعات العالم العربي الأخرى في ترجمة أمهات الكتب العلمية والثقافية العالمية وتوفير سبل وصولها إلى المعنيين . وهذا يقتضي تزويد الجامعة هذه بمكتبة ضخمة تشمل مختلف المراجع والوثائق والمعاجم والأعمال المصطلحية التي تم إنجازها منسقة حاسوبيا ، إن أمكن ، ورفدها دوما بكل جديد قومي أو عالمي في مختلف الاختصاصات .

إن الأعباء المادية والجهود الفنية والتقانية اللازمة لإنشاء هذه الجامعة لا تقارن ، على جسامتها ، بالمردود العلمي والحضاري الذي ستعود به جامعة المصطلحات على العالم العربي ، والذي يتطلع إله كل مخلص .

جامعة المصطلحات ، لعل فيها الأمل الفاعل في تحقيق الأماني بحل مشاكلنا المصطلحية وتعريب التعليم بكافة فروعه ومستوياته وإنهاء غربة العربية عن استيعاب علوم العصر ومواكبة تقاناته ؛ وإلى مثل هذا فليعمل العاملون ، والله الموفق .

أحمد شفيق الخطيب
دائرة المعاجم ، مكتبة لبنان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التعريب.. ومستقبل العرب العلمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صناع الحياة للهندسة :: المنتدى العام :: ساحة الحوار-
انتقل الى: